shasamf2

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
shasamf2

الابداع التربوي

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» الابداع التربوي
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 12:42 pm من طرف شافي سيف

» the comandmentes
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 12:25 pm من طرف شافي سيف

» الواضح في المنطق الشرعي
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 21, 2013 12:36 pm من طرف شافي سيف

» تابع الوضوح في المنطق
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 21, 2013 12:28 pm من طرف شافي سيف

» المنطق لطلبه الدراسات
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 21, 2013 12:20 pm من طرف شافي سيف

» مدرسه دمنهور المعتصمه
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 08, 2013 11:50 pm من طرف شافي سيف

» الاختبار الشفوي بمعهد فتيات دمنهور
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 08, 2013 11:31 pm من طرف شافي سيف

» لو كنت شمسا لاصطفيتك
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 17, 2012 4:32 pm من طرف شافي سيف

» هنيئا لكلب وسدته الكلاب
الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 17, 2012 4:31 pm من طرف شافي سيف

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 71 بتاريخ الأحد سبتمبر 29, 2024 11:28 am

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب

    شافي سيف
    شافي سيف
    Admin


    عدد المساهمات : 412
    تاريخ التسجيل : 03/01/2011
    العمر : 36

    الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب Empty الارهاب المفهوم والعلاج والاسباب

    مُساهمة  شافي سيف الأحد يناير 09, 2011 11:47 am

    الإرهاب في المجتمعات الإسلامية:
    المفهوم والأسباب وسُبُل العلاج

    مقدمة:

    كثر الحديث في السنوات الأخيرة عما يُسمونه بالإرهاب .. وأصبح الإرهاب اليوم في صدارة قائمة أولويات الاهتمام العالمي، وغدا محوراً من محاور العديد من الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وبات العالم أكثر من أي وقت مضى حبيس مصطلح يستخدم لتبرير كل شيء، حتى وصل به الأمر إلى تصديق ما تروجه بعض دول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل بأن عمليات المقاومة ضد المحتل الأجنبي هي نوع من الإرهاب، وهو أمر يتناقض مع الشرعية الدولية ومبادئ الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي أجمعت وصادقت عليها دول العالم.

    وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م على وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" ومدينة نيويورك، أعلن الرئيس جورج بوش الحرب على الإرهاب، وكأن الإرهاب له تعريف أو أيديولوجية محددة. ويبدو لأي مراقب أن "الإرهاب" في أدبيات إدارة الرئيس بوش أضحى بديلاً عن الشيوعية، فهو شر محض يجب على المدافعين الجدد عن الفضيلة محاربته، وقد اخترعت الولايات المتحدة الأمريكية تعبير "الإرهاب العالمي"، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الغموض. وقد أعلنت الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب، ودعت دول العالم إلى الاتفاق معها والانضمام إليها في خططها لمحاربة الإرهاب، قبل أن تحدد معنى هذا الإرهاب الذي عقدت العزم على محاربته. لقد اخترعت الولايات المتحدة الأمريكية تعبير "الإرهاب العالمي"، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الغموض حسب ما أشار إليه نوعام تشومِسْكي بقوله: "مصطلح (إرهاب) هو مصطلح مقيّد من الناحية العملية بالإرهاب الذي لحق بالولايات المتحدة وحلفائها" .

    بعد هذه الهجمات التي وقعت على الولايات المتحدة في سبتمبر 2001م، كثُر استخدام كلمة "الإرهاب" في مختلف الكتابات والأحاديث والخطب، وفي كثير من الاجتماعات والندوات والمؤتمرات التي تُعقد على مدار العام في المؤسسات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية. وندَّد الكُتَّاب والباحثون، وزعماء الدول وقادتها بالإرهاب والإرهابيين، ووُصِفَت جماعات هنا وجماعات هناك بأنها إرهابية، بل وُجِّهَت الاتهامات لدول بأنها تمارس الإرهاب أو أنها توفر ملاذاً آمناً للإرهابيين على أراضيها، وذلك بتوجيه مرسوم ومُخَطَّط له بكل دقة حتى يقتنع المجتمع الدولي، أو يُرغَم على الاقتناع، بضرورة الانتقام من الإرهاب والإرهابيين، ومن هذه الدول "الخارجة أو المارقة".

    ومن المثير للدهشة أن تُعلن الدول الحرب على الإرهاب قبل الاتفاق على تعريف دقيق ومحدد لمفهوم الإرهاب ومعناه، مما جعل بعض الدول مهددة بالاتهام بالإرهاب، ووُضعت بعض الدول– حسب الرؤية الأمريكية – فيما عُرِف "بمحور الشر"، بل وُصفت حركات التحرر والجماعات والشعوب التي تكافح ضد المحتل الغاصب لأراضيها بأنها إرهابية، مما أدى إلى خَلْط الأوراق وقََلَْب المفاهيم واستباحة المبادئ التي أقرها المجتمع الدولي.

    ومن الجدير بالملاحظة أن الإرهاب يأخذ عدة أشكال، ولذا فإن الخلط لا ينجم عن تعريف الإرهاب، وإنما عن التعريفات المتعددة له، وبناءً على ذلك تتعدد الأسباب والدوافع، فالعالم قد عرف، وسوف يعرف، الإرهاب الأيديولوجي (المرتبط بالفاشيين أو الثوريين اليساريين)، والإرهاب الديني والطائفي، وإرهاب الماﭭيا وإرهاب الدولة وغيره كثير.

    وقد وُجِّهَت الاتهامات إلى الإسلام بأنه المسؤول عن خلق الإرهاب، ونظر العالم الغربي إلى المجتمعات الإسلامية وكأنها معمل تفريخ للإرهاب والإرهابيين، وأصبحت المجتمعات الإسلامية، بل والإسلام نفسه، في قفص الاتهام فور الإعلان عن وقوع أية عملية إرهابية في أية بقعة على وجه الكرة الأرضية، قبل إجراء أية تحقيقات للكشف عن الفاعل الحقيقي وراء هذه العملية أو تلك، وشعر المسلمون في البلاد غير الإسلامية، خاصة في الغرب، بالخوف والفزع بعد أية عملية إرهابية، لأنهم يدركون أن سهام الاتهام سوف تُوَجَّه نحوهم، مما يعرضهم للاضطهاد والتمييز العنصري في المجتمعات التي يعيشون فيها.

    لقد زادت الأعمال الإرهابية حِدَّة على مستوى العالم منذ أواخر الستينات، ومما لا شكَّ فيه أن الإرهاب لا دين له، ولا نستطيع أن نقول إن هناك إرهاباً إسلامياً وإرهاباً مسيحياً وإرهاباً يهودياً وإرهاباً بوذياً، ولكن الإرهاب ظاهرة عالمية تجتاح العالم كله، ولها أهداف سياسية. ويلجأ الإرهابيون إلى ارتداء عباءة الدين في معظم الأحوال لتحقيق أهدافهم السياسية . ومع قناعتنا التامة بذلك، نجد سيلاً من الاتهامات وُجِّهَت – ولا تزال تُوَجَّه - إلى الإسلام بأنه المسؤول عن جميع سلوكيات المسلمين، في حين لا تعامل المسيحية واليهودية بنفس المعيار، فإذا ارتكب مسيحي أو يهودي عملاً إرهابياً، لا نسمع من يقول "إرهابي مسيحي" أو "إرهابي يهودي"، أما إذا أساء أي مسلم التصرف، فإن الأمة الإسلامية جميعها سوف تُوصَف بأنها إرهابية. وقد شهد العالم بأن كلمة "يهود" أو "يهودي" لم تسبق اسم باروخ جولدشتاين (Baruch Goldstein) اليهودي الأرثوذوكسي الأمريكي المولد الذي أطلق متعمداً 119 طلقة من بندقيته إم 16 على جمع من المسلمين في الحرم الإبراهيمي أثناء أدائهم لصلاة الفجر، مما أسفر عن مقتل تسعة وعشرين وجرح 150، ولا يختلف جولدشتاين الذي نصَّب نفسه للدفاع عن اليهودية، عن ابن لادن الذي اقتنع بفكرة أنه مدافع عن الإسلام .

    وإذا كنا نعتقد بأن الإرهاب لا يرتبط بأي دين من الأديان، فإننا نؤكد على أن الإرهاب لا يجب ربطه بالإسلام، كما لا يجب ربطه بأي دين آخر، فهو ظاهرة عامة تعاني منها الكثير من الدول في الشرق والغرب. فهناك حوالي 370 منظمة إرهابية تتمركز في 120 دولة، وتضم هذه المنظمات: الفاشيين الجدد ومجموعات النازيين الجدد الذين نشطوا في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وجنوب إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، وأوروبا. وتوجد في ألمانيا 75 مجموعة يمينية متطرفة تضم حوالي 65.000 ناشط . وقد نفذ تفجيرات مبنى المكتب الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية في أبريل عام 1995م شخص مسيحي يُدعى تيموثي ماكفى (Timothy McVeigh)، أحد أتباع الحركة الوطنية المسيحية الأمريكية، وهي حركة عنصرية، لم تصفه المؤسسات الإعلامية على أنه عمل قام به "إرهابيون مسيحيون" . ورغم أن الفاعل لم يكن مسلماً، إلا أن أصابع الاتهام المتسرعة وُجِّهَت إلى المسلمين بعد لحظات من الإعلان عن هذا الحادث .

    إن الإرهاب يعتبر من الظواهر الاجتماعية التي تنشأ وتترعرع في ظل عوامل نفسية واجتماعية خاصة، وتحت ظروف سياسية واقتصادية وثقافية معينة، وتشترك جميع هذه العوامل والظروف، بشكل أو بآخر، في إفراز ظاهرة الإرهاب في الواقع الاجتماعي، ومن ثم، فإن أية معالجة جادة لهذه الظاهرة، تتطلب إصلاحا حقيقيا في جملة هذه العوامل والظروف التي تساعد على تحويل شخص عادي، إلى إرهابي، والتي تساعد على وجود هذه الظاهرة في المجتمع.

    وقبل أن نفسر العوامل المحلية والدولية التي تساهم في إنتاج شخص "إرهابي" في المجتمعات الإسلامية، لا بد من الإجابة عن بعض الأسئلة مثل: هل هناك علاقة بين الإسلام والإرهاب؟ هل الإسلام كديانة مسؤول عن الإرهاب؟ لماذا وقعت معظم الهجمات الإرهابية خلال السنوات القليلة الماضية بأيدي مسلمين؟

    إن الخطوة الأولى في مشروع محاربة الإرهاب واجتثاث جذوره من أي مجتمع، تتطلب فهماً جيداً لهذه الظاهرة من جميع جوانبها، والوقوف على أسباب ظهورها ، ومعرفة جذورها وأبعادها وجوانبها الفكرية والثقافية، وتحليل وقائعها ومعطياتها وحقائقها، حتى يكون التعامل معها مبنياً على أسس علمية صحيحة. إن إدراكنا للظروف التي ينمو فيها الإرهاب يجعلنا نصل إلى قناعة بأن الالتزام بمتطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي هو البوابة الرئيسة الأولى لإنهاء هذه الظاهرة من مجتمعاتنا.

    مما تقدم، نلمس أهمية البحث في موضوع الإرهاب في المجتمعات الإسلامية، وضرورة تحديد معناه الدقيق، لمعرفة ما هو الإرهاب، وما هي أسبابه ودوافعه في المجتمعات الإسلامية، ومن هم الإرهابيون، وكيف يُمارس الإرهاب في الواقع المعاصر، وما هو السبيل إلى حماية الفرد والمجتمع من هذا الخطر، وما هو الطريق إلى الوقاية، وما هو السبيل إلى العلاج، لاقتلاع جذور الإرهاب من وسطنا ؟


    مفهوم الإرهاب ومعناه:
    1. الإرهاب في اللغة:
    لعل صعوبة تعريف الإرهاب ترجع إلى حقيقة أنه تعبير يحوي حقائق كثيرة ومختلفة، فكلمة إرهاب يعود أصلها إلى اللاتينية وتعني "مخيف ومُفزِع"، فالإرهاب عبارة عن عملية ترويع عن طريق إثارة الخوف والفزع، وليس هناك تعريف مقبول عالمياً للإرهاب يتفق الجميع عليه، ويمكن القول إن الخاصية الوحيدة المتفق عليها عموماً هي أن الإرهاب ينطوي على عنف وتهديد بالعنف .

    وتشتق كلمة "إرهاب" من الفعل المزيد (أرهب) ؛ ويقال أرهب فلانا: أي خوَّفه وفزَّعه، وهو نفس المعنى الذي يدل عليه الفعل المضعف (رَهّبَ) . أما الفعل المجرد من نفس المادة وهو (رَهِبَ)، يَرْهبُ رَهْبَةً ورَهْبًا ورَهَبًا فيعني خاف، فيقال رَهِبَ الشيء رهبا ورهبة أي خافه . والرهبة: الخوف والفزع. أما الفعل المزيد بالتاء وهو (تَرَهَّبَ) فيعني انقطع للعبادة في صومعته، ويشتق منه الراهب والراهبة والرهبنة والرهبانية … الخ، وكذلك يستعمل الفعل ترَهَّبَ بمعنى توعد إذا كان متعديا فيقال ترهب فلانا : أي توعده . وأرهَبَه ورهَّبَه واستَرْهَبَه: أخافَه وفزَّعه. وتَرَهَّب الرجل: إذا صار راهباً يخشى الله. والراهب: المُتَعَبِّد في الصومعة.

    والإرهابيون في "المعجم الوسيط": وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية . والإرهابي في "المنجد": من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته، والحكم الإرهابي هو نوع من الحكم يقوم على الإرهاب والعنف تعمد إليه حكومات أو جماعات ثورية. و"الإرهاب" في الرائد" هو رعب تحدثه أعمال عنف كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب، و"الإرهابي" هو مَنْ يلجأ إلى الإرهاب بالقتل أو إلقاء المتفجرات أو التخريب لإقامة سلطة أو تقويض أخرى، و"الحكم الإرهابي" هو نوع من الحكم الاستبدادي يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف بغية القضاء على النزعات والحركات التحررية والاستقلالية. وتجدر الإشارة إلى أن المعاجم العربية القديمة قد خلت من كلمتي "الإرهاب و "الإرهابي" لأنهما من الكلمات حديثة الاستعمال، ولم تعرفهما الأزمنة القديمة.

    وفي القرآن الكريم، قال تعالى:وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (الأنفال:60).
    قال ابن كثير في التفسير: قوله تعالى ترهبون أي تخوِّفون به عدو الله وعدوكم أي من الكافرين. وقال القرطبي : ترهبون به عدو الله وعدوكم يعني تخيفون به عدو الله وعدوكم من اليهود وقريش وكفار العرب.
    وقال تعالى:لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ (الحشر:13). قال ابن كثير في التفسير: أي يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله.
    ويلاحظ أن القرآن الكريم لم يستعمل مصطلح "الإرهاب" بهذه الصيغة، وإنما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من نفس المادة اللغوية، بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع، والبعض الآخر يدل على الرهبنة والتعبد. ومن الملاحظ أن مشتقات مادة (رهب) لم ترد كثيرا في الحديث النبوي الشريف، ولعل أشهر ما ورد هو لفظ (رهبة) في حديث الدعاء : "رغبة ورهبة إليك" .
    نستخلص مما تقدم أن "الإرهاب" يعني الخوف والفزع، وأن "الإرهابي" هو الذي يُحدث الخوف والفزع عند الآخرين. ولا يختلف هذا المعنى عما تقرره اللغات الأخرى في هذا الصدد، فقد ورد في قاموس "المورد" أن كلمة terror تعني: "رعب، ذُعر، هول، كل ما يوقع الرعب في النفوس، إرهاب، عهد إرهاب"، والاسم terrorism يعني: "إرهاب، ذعر ناشئ عن الإرهاب"، و terrorist تعني: "الإرهابي"، والفعل terrorize يعني: "يُرهب، يُروِّع، يُكرهه (على أمر)ٍ بالإرهاب".

    وفي قاموس أكسفورد " Oxford Dictionary ": نجد أن كلمة Terrorist "الإرهابي" هو الشخص الذي يستعمل العنف المنظم لضمان نهاية سياسية، والاسم Terrorism بمعنى "الإرهاب" يُقصد به "استخدام العنف والتخويف أو الإرعاب، وبخاصة في أغراض سياسية".

    2. الاختلاف حول مفهوم "الإرهاب" وتعريفه:

    تباينت الحكومات والأفراد والهيئات البحثية والعلمية في إعطاء وصف الإرهاب، وفي تسمية واضحة له، وتحديد الغرض من الإرهاب . وقد أدى اختلاف الدول في نظرتها إلى الإرهاب من حيث مفهومه ومعناه، إلى صعوبة اتفاقها على المستوى الدولي بشأن التعاون لمكافحة هذه الظاهرة. ويمكن تجسيد هذا الاختلاف في العبارة المختصرة التي تقول :"إن الإرهابي في نظر البعض، هو محارب من أجل الحرية في نظر الآخرين". وأدى ذلك إلى فشل أغلب الجهود الدولية في الوصول إلى تحديد دقيق لماهية الإرهاب، مما حال دون الاتفاق على درجة من التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، لدرجة أن المؤتمر الدولي الذي عقد في عام 1973م لبحث الإرهاب والجريمة السياسية قد انتهى إلى أن عدم وجود مفهوم واضح للأسباب التي تؤدي إلى ممارسة النشاطات التي تنشئ حالة الإرهاب هو العقبة التي تحول دون اقتلاع الإرهاب واجتثاث جذوره.

    لقد غدا تعريف الإرهاب نوعاً من الجدل واستوعب الكثير من التفسيرات الذاتية، وربما كان التعريف الشائع والمتفق عليه هو "الاستخدام المنظم لإثارة الذعر خصوصاً كوسيلة من وسائل الإكراه، والاستخدام المنظم لإثارة الخوف أو العنف المفاجئ ضد الحكومات والأماكن العامة أو الأفراد لتحقيق أهداف سياسية". وحسب مفوضية الإتحاد الأوروبي فإن الإرهاب يُعَدّ: "هجمات يقوم بها عمداً أفراد أو جماعات ضد دولة أو عدة دول أو مؤسساتها أو شعوبها بغرض إشاعة الخوف بينهم، وتغيير أو إضرار بالبنية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لهذه الدول" .

    ويختلف الوصف الذي يطلقه رجال الإعلام على أعضاء المنظمات الإرهابية باختلاف الموقف السياسي الذي يتخذونه تجاههم، ومن ثم استخدمت أوصاف مختلفة عند الإشارة إليهم، فهم إما إرهابيون أو مخربون أو عصاه أو منشقون أو مجرمون وإما جنود تحرير أو محاربون من أجل الحرية أو مناضلون أو رجال حركة شعبية أو ثورية وأحياناً يوصفون بأنهم خصوم أو معارضون للحكم أو "راديكاليون" (متطرفون: Radicals ). وتوصف عملياتهم في نظر البعض بأنها عمليات إرهابية أو أفعال إجرامية دنيئة وغادرة، وفي نظر البعض الآخر تعتبر عمليات فدائية أو عمليات مقاومة أو تحرير.

    لقد كان الإرهاب ظاهرة متميزة من مظاهر الاضطراب السياسي في القرون السابقة، ولم تخل منه أمة من الأمم أو شعب من الشعوب. ومن المؤسف أن يحاول البعض الربط بين الإرهاب وبين حضارة الأمة العربية متمثلة في دينها وقوميتها، أو بين الإرهاب والإسلام، فإن ظاهرة الإرهاب لا تقتصر على دين أو على ثقافة أو على هوية معينة، وإنما هي ظاهرة شاملة وعامة. وتجدر الإشارة إلى أن تعبير "الإرهاب" هو من ابتداع الثورة الفرنسية، ولم يتبلور الإرهاب واقعياً إلا في عام 1793م، وكان ذلك عندما أعلن روبسبير (Robespierre) بداية عهد الإرهاب أو الرهبة “Reign of Terror” في فرنسا (10 مارس 1793م – 27 يوليو 1794م). ومن اسم هذا العهد اشتقت اللغتان الإنجليزية والفرنسية كلمة (Terrorism) بالإنجليزية و (Terrorisme) بالفرنسية، بمعنى "الإرهاب" . فخلال الثورة الفرنسية مارس روبسبير ومن معه من أمثال سان جيست (St. Just) وكوثون (Couthon) العنف السياسي على أوسع نطاق، حيث قادوا حملة إعدام رهيبة شملت كل أنحاء فرنسا، حتى قُدِّر عدد من أُعْدِموا في الأسابيع الستة الأخيرة من عهد الإرهاب 1366 مواطناً فرنسياً من الجنسين في باريس وحدها. ومن أصل سكان فرنسا، الذين كان يبلغ عددهم في ذلك الوقت 27 مليون نسمة، تمكن هؤلاء القادة من قطع رأس 40 ألفاً بواسطة المقصلة. كما تمكنوا من اعتقال وسجن 300 ألف آخرين. وكاد السناتور جوزيف ماكرثي (Joseph McCarthy) أن يصبح روبسبير القرن العشرين (1950 – 1954م) في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما قاد حملته ضد العناصر اليسارية الأمريكية آنذاك، إلا أن اتهاماته بالخيانة للآلاف لم تصل إلى حدِّ قطع رؤوسهم بالمقصلة أو خنقهم في غرف الغاز المغلقة .

    وقد حاولت المنظمات الدولية كالأمم المتحدة إلى تحديد مفهوم الفعل الإرهابي من منطلق أن "الإرهاب" هو شكل من أشكال العنف المنظم، بحيث أصبح هناك اتفاق عالمي على كثير من صور الأعمال الإرهابية مثل الاغتيال والتعذيب واختطاف الرهائن واحتجازهم وبث القنابل والعبوات المتفجرة واختطاف وسائل النقل كالسيارات والأتوبيسات والطائرات أو تفجيرها، وتلغيم الرسائل وإرسالها إلى الأهداف التي خطط الإرهابيون للإضرار بها ... الخ.

    والإرهاب هو أداة أو وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، سواء كانت المواجهة داخلية، بين السلطة السياسية وبين جماعات معارضة لها، أو كانت المواجهة خارجية، بين الدول. فالإرهاب هو نمط من أنماط استخدام القوة في الصراع السياسي، حيث تستهدف العمليات الإرهابية القرار السياسي، وذلك بإرغام دولة أو جماعة سياسية على اتخاذ قرار أو تعديله أو تحريره، مما يؤثر على حرية القرار السياسي لدى الخصوم. و الإرهاب هو باختصار عبارة عن العمليات المادية أو المعنوية التي تحوي نوعاً من القهر للآخرين، بغية تحقيق غاية معينة.

    وتقوم الجماعات الإرهابية بارتكاب أعمال عنف ذات طبيعة إجرامية، خارجة عن قوانين الدولة، مما يدفع الحكومة المستهدفة إلى القيام برد فعل عنيف، لقمع هذه الجماعات، وذلك بتفتيش المنازل، مثلاً، واعتقال المواطنين وسجنهم بدون محاكمة، وسنّ قوانين الطوارئ التي تُحِدُّ من الحريات، وغير ذلك من الوسائل التي لا تؤدي في أغلب الأحوال إلى إنهاء العنف والإرهاب، ولا تؤدي إلى القضاء على هذه الجماعات، بل إن جميع هذه الأعمال القمعية التي تقوم بها بعض الحكومات قد تؤدي إلى المزيد من الإرهاب والعنف، ومن ثم ، تعيش البلاد في سلسلة لا تنقطع من الإرهاب والإرهاب المضاد، بين إرهاب الأفراد والجماعات من ناحية، وإرهاب الدول والحكومات من ناحية أخرى. وأثناء محاولة الإرهابيين مقاومة الحكومة بالعنف والإرهاب تعبيراً عن استيائهم ورفضهم لها، فإنهم يعتبرون المدنيين أهدافاً مشروعة لعملياتهم الإرهابية.

    والإرهاب وسيلة تلجأ إليها بعض الحركات الثورية، كما تستخدمها بعض الحكومات وهيئات المعارضة على حدٍّ سواء. وقد تلجأ بعض الجماعات والحركات الثورية إلى الإرهاب لفك الحصار الذي نضربه حولها بعض الحكومات التي تحتكر العنف القانوني.

    وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (C.I.A.)قد تبنت في عام 1400هـ (1980م) ، تعريفاً ينصَّ على أن "الإرهاب هو التهديد باستعمال العنف أو استعمال العنف لأغراض سياسية من قبل أفراد أو جماعات، سواء كانت تعمل لصالح سلطة حكومية قائمة أو تعمل ضدها، وعندما يكون القصد من تلك الأعمال إحداث صدمة، أو فزع، أو ذهول، أو رُعْب لدى المجموعة المُسْتَهدَفَة والتي تكون عادة أوسع من دائرة الضحايا المباشرين للعمل الإرهابي. وقد شمل الإرهاب جماعات تسعى إلى قلب أنظمة حكم محددة، وتصحيح مظالم محسوسة، سواء كانت مظالم قومية أم لجماعات معينة، أو بهدف تدمير نظام دولي كغاية مقصودة لذاتها".

    وقد اجتمعت لجنة الخبراء العرب في تونس، في الفترة من20 حتى 22 محرم 1410هـ (الموافق 22-24 أغسطس سنة 1989م) لوضع تصور عربي أولي عن مفهوم الإرهاب والإرهاب الدولي والتمييز بينه وبين نضال الشعوب من أجل التحرر، ووضعت تعريفاً يعتبر أكثر الصيغ شمولية ووضوحاً، حيث ينص على أن الإرهاب "هو فعل منظم من أفعال العنف أو التهديد به يسبب فزعاً أو رعباً من خلال أعمال القتل أو الاغتيال أو حجز الرهائن أو اختطاف الطائرات أو تفجير المفرقعات وغيرها مما يخلق حالة من الرعب والفوضى والاضطراب، والذي يستهدف تحقيق أهداف سياسية سواء قامت به دولة أو مجموعة من الأفراد ضد دولة أخرى أو مجموعة أخرى من الأفراد، وذلك في غير حالات الكفاح المسلح الوطني المشروع من أجل التحرير والوصول إلى حق تقرير المصير في مواجهة كافة أشكال الهيمنة أو قوات استعمارية أو محتلة أو عنصرية أو غيرها، وبصفة خاصة حركات التحرير المعترف بها من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية بحيث تنحصر أعمالها في الأهداف العسكرية أو الاقتصادية للمستعمر أو المحتل أو العدو، ولا تكون مخالفة لمبادئ حقوق الإنسان، وأن يكون نضال الحركات التحررية وفقاً لأغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وسواه من قرارات أجهزتها ذات الصلة بالموضوع".

    ويؤكد المجمع الفقهي الإسلامي في اجتماعه الذي عُقِدَ في 26شوال 1422هـ (الموافق 10 يناير 2002م) في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في دورته السادسة عشرة أن التطرف والعنف والإرهاب، ليس من الإسلام في شيء، وأنها أعمال خطيرة لها آثار فاحشة، وفيها اعتداء على الإنسان وظلم له، ومن تأمل مصدري الشريعة الإسلامية، كتابَ الله الكريم وسنةَ نبيه ، فلن يجد فيها شيئا من معاني التطرف والعنف والإرهاب، الذي يعني الاعتداء على الآخرين دون وجه حق.

    وفي البيان الذي أصدره المجمع في ختام هذه الدورة، تم تعريف الإرهاب بأنه "ظاهرة عالمية، لا ينسب لدين، ولا يختص بقوم وهو ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة.. وهو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان (دينه ودمه وعقله وماله وعرضه) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر. فكل هذا من صور الفساد في الأرض، التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله: وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين  (القصص: 77). "وقد شرع الله الجزاء الرادع للإرهاب والعدوان والفساد واعتبره محاربة لله ورسوله في قوله الكريم  إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة: 33) .. ولا توجد في أي قانون بشري عقوبة بهذه الشدة نظراً لخطورة هذا الاعتداء الذي يعتبر في الشريعة الإسلامية حرباً ضد حدود الله وضد خلقه.

    وأكد المجمع الفقهي الإسلامي "أن من أصناف الإرهاب، إرهاب الدولة، ومن أوضح صوره وأشدها بشاعة، الإرهاب الذي يمارسه اليهود في فلسطين، وما مارسه الصرب في كل من البوسنة والهرسك وكوسوفا"، واعتبر المجمع هذا النوع من الإرهاب "من أشد أنواعه خطرا على الأمن والسلام في العالم، واعتبر مواجهته من قبيل الدفاع عن النفس والجهاد في سبيل الله".

    ومن النقاط المهمة في البيان، الإجماع على أن الإرهاب ليس من الإسلام وأن "الجهاد" ليس إرهاباً، وتحليل ما المقصود بالجهاد الذي شُرِّع نُصْرَةً للحق ودفعاً للظلم وإقراراً للعدل والسلام والأمن. كما أوضح البيان أن للإسلام آداباً وأحكاماً واضحة في الجهاد المشروع تحرم قتل غير المقاتلين، وتحرم قتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال وتحرم تتبع الفارين، أو قتل المستسلمين، أو إيذاء الأسرى، أو التمثيل بجثث القتلى أو تدمير المنشآت والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال.

    وأكد البيان أنه لا يمكن التسوية بين إرهاب الطغاة الذين يغتصبون الأوطان ويهدرون كرامة الإنسان.. ويدنسون المقدسات وينهبون الثروات وبين ممارسة حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة في تقرير المصير.





    أسباب الإرهاب ودوافعه، وعوامل ظهوره:

    تختلف الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الإرهاب، في درجة أهميتها، وفي مدى تأثيرها باختلاف المجتمعات الإسلامية، في توجهاتها السياسية، وظروفها الاقتصادية والاجتماعية، وأحوال شعوبها الدينية، ولذا فإن الأسباب التي تدفع المرء إلى الإرهاب في أحد هذه المجتمعات ليست بالضرورة هي نفس الأسباب التي نجدها في غيره من المجتمعات الإسلامية.

    ويعتبر الإرهاب ظاهرة معقدة ومتشابكة تشترك في بروزها في المجتمع جملة من العوامل والأسباب، حيث تتداخل العوامل الشخصية والنفسية مع الثقافية والسياسية والاقتصادية، لتشكل ظاهرة الإرهاب التي تحقق أهدافها بممارسة العنف والقتل، وتحسم خلافاتها بإلغاء الآخر وإقصائه من الوجود. وهناك بعض العوامل التي تزيد من حدة التطرف والإرهاب، واستمرارهما، منها معاملة التطرف بتطرف مضاد ، ومواجهة إرهاب الأفراد والجماعات بإرهاب الحكومة، والاقتصار على الوسائل القمعية دون البحث والتعامل مع جذور المشكلة .

    ويعتبر الإرهاب من الظواهر الاجتماعية التي تنشأ وتترعرع في ظل عوامل نفسية واجتماعية خاصة، وتحت ظروف سياسية واقتصادية وثقافية معينة، وتشترك جميع هذه العوامل والظروف، بشكل أو بآخر، في إنتاج ظاهرة الإرهاب في الواقع الاجتماعي، ومن ثم، فإن أية معالجة جادة لهذه الظاهرة، تتطلب معرفة دقيقة لهذه العوامل والظروف التي تساعد على وجود هذه الظاهرة، ودراستها.

    ولابد من فهم آليات التطرف والإرهاب في المنطقة العربية: متى تظهر جماعات التطرف والإرهاب؟ وكيف تنشق وتتألف؟ وكيف تظهر؟ وكيف تتشكل؟ وكيف تصيغ برامجها؟ وكيف تحقق أهدافها؟ وكيف تجند أفرادها وتنشر برامجها؟ وكيف تعدل برامجها؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تساعدنا على فهم القوى المحركة لنشأة الجماعات الإرهابية ونموها وتطورها بوجه عام، ومن ثم صياغة البرامج السياسية والاجتماعية المتطورة والقادرة على مواجهتها.

    وقد حددت اللجنة الخاصة بالإرهاب الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في10/1/1400هـ (29/ 11/ 1979م) أسباباً سياسية واقتصادية واجتماعية للإرهاب تتلخص في "سيطرة دولة على دولة أخرى، واستخدام القوة ضد الدول الضعيفة، وممارسة القمع والعنف والتهجير، وعدم التوازن في النظام الاقتصادي العالمي والاستغلال الأجنبي للموارد الطبيعية للدول النامية، وانتهاك حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالتعذيب، أو السجن أو الانتقام، والجوع والحرمان والبؤس والجهل، وتجاهل معاناة شعب ما يتعرض للاضطهاد، وتدمير البيئة".

    وقد يرجع ارتباط الشخص بالجماعات المتطرفة وانضمامه إليها واستجابته لاتجاهاتها المذهبية المتطرفة إلى أنه قد وجد لنفسه بداخل هذه الجماعات المتطرفة مكانة متميزة لا يجدها في المجتمع الذي يعيش فيه خاصة إذا كان هذا المجتمع لا يحقق له الأمان الاقتصادي ولا يتيح له الفرصة لتحقيق طموحاته وتكون النتيجة إحساسه بالضغوط وتعرضه لمشاعر الفشل والإحباط مما يجعله مهيأ للاندماج في الجماعات المتطرفة التي تمنحه الإحساس بالراحة والقوة وتحقيق المكانة المتميزة التي حرم منها.

    وهناك العديد من الأسباب التي تحمل الإنسان على الوقوع في التطرف والإرهاب، أبرزها:

    1. الأسباب الاقتصادية والاجتماعية:

    يذهب الكثير من علماء الاجتماع إلى وجود علاقة مباشرة بين الفقر والإرهاب، وعندما ارتبط الفقر بالأهداف السياسية، جعل الفقراء ينتهجون طريق الإرهاب لتحقيق هذه الأهداف . ومن الملاحظ أن الأعمال الإرهابية تأتي في الغالب من دول العالم الثالث، ومن الطبقات الدنيا في تلك المجتمعات. وربما يكون عامل الفقر والحرمان غير ظاهر في دول معينة قبل مئة عام، قبل ظهور ثروات معدنية أو بترولية فيها، ذلك لأن معظم الناس آنذاك كانوا فقراء، أما في الوقت الراهن، فإننا نجد أن الفجوة قد اتسعت كثيراً بين الفقراء والأغنياء، وازداد الأغنياء غنى وازداد الفقراء فقراً، وأصبحت هناك فروق كبيرة بين الطبقات الاجتماعية، ومع ظهور العولمة وعصر الفضائيات، أصبح الناس في الدول النامية على دراية أكثر بمستوى فقرهم. ومن هنا، كان الفقر والحرمان والإحباط من العوامل التي تؤدي إلى العدوان، مما يؤدي بدوره إلى ظهور الإرهاب.

    وقد أدت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في الدول العربية في الثلاثين سنة الأخيرة، إلى تكثيف حركة الهجرة من الريف إلى المدينة ، وانتشار الأحياء العشوائية الفقيرة في مدن بعض الدول كمصر. وقد ضمت هذه الأحياء العشوائية نسبة عالية من المتطرفين الدينيين وذلك بفعل عجز بعض سكانها عن التكيف مع قيم المدينة المختلفة عن قيمهم الريفية، وبسبب تفشي البطالة، وخاصةً بين الشباب، كان استقطابهم من جانب جماعات التطرف أو العنف ، أو انضمامهم التطوعي إليها ، مسألة سهلة إلى حد كبير.

    إن الاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان، فكلما كان دخل الفرد مضطرباً، كان رضاه واستقراره غير ثابت، بل قد يتحول هذا الاضطراب وعدم الرضا إلى كراهية تقوده إلى نقمة على المجتمع. وهذا الحال من الإحباط يولِّد شعوراً سلبياً تجاه المجتمع. ومن آثاره عدم انتمائه لوطنه ونبذ الشعور بالمسئولية الوطنية، ولهذا يتكون لديه شعوراً بالانتقام .

    وتؤثر الأزمات الاقتصادية على الطبقات الدنيا في المقام الأول، حيث تعاني بشدة من تدهور ظروفها المعيشية بفعل انتشار البطالة وتدهور الخدمات وظهور طبقة من الأثرياء الذين يسلكون سلوكاً استفزازياً بالنسبة للفقراء. وتؤدي الأزمات الاقتصادية إلى ازدياد معدل البطالة والتضخم وغلاء الأسعار وبالتالي تزداد حدة التفاوت الطبقي وتنعكس آثار هذا الخلل الخطير على الشباب وتنشأ تربة صالحة للتطرف تزود الجماعات المتطرفة بأعضاء يعانون من الإحباط ويفتقدون الشعور بالأمان والأمل في المستقبل.

    إن انتشار البطالة في المجتمع يفتح أبواباً من الخطر على مصارعها، فأي مجتمع تكثر فيه البطالة ويزيد فيه العاطلون، وتنضب فيه فرص العمل، يكون أكثر عرضة لانجراف شبابه لامتهان الإرهاب والجريمة والمخدرات والاعتداء والسرقة، وما إلى ذلك. فالبطالة من أقوى العوامل المساهمة في نبتة الإرهاب، حيث ضيق العيش وصعوبته وغلاء المعيشة وعدم تحسن دخل الفرد، مما يؤدي إلى خلق روح التذمر في الأمة، ويولِّد حالة من السخط تجاه المسئولين الذين سمحوا بوصول الأوضاع السائدة إلى هذا الحدِّ.

    2. غياب العدالة الاجتماعية:

    النقص في مصادر الثروة والسلع والخدمات، وعدم العدالة في توزيع الثروة، والتفاوت في توزيع الدخول والخدمات والمرافق الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان والكهرباء بين الحضر والريف ، وتكدس الأحياء العشوائية في المدن بفقراء المزارعين النازحين من القرى فضلاً عن زيادة أعداد الخريجين من المدارس والجامعات الذين لا يجدون فرص العمل، يؤدي إلى حالة من الإحباط الفردي والسخط الجماعي.

    3. الظروف السياسية:

    تدني مستوى المشاركة السياسية، وخاصة بالنسبة للشباب ومن مختلف الطبقات، في اتخاذ القرارات التي تمس حياة المواطن بما في ذلك الحياة اليومية سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو الحي السكني أو العمل أو عن طريق العضوية الفعالة والنشيطة في التنظيمات الشعبية والرسمية. فشباب اليوم بعيد عن الممارسة السياسية بمعناها الواسع التي تنمي لديه القدرة على إبداء الرأي والحوار حول مسائل عامة أو اجتماعية، والتي تعوِّده على تقبل الرأي الآخر بعد تحليله ونقده والتنازل عن رأيه إذا اقتنع بغيره.

    إن عدم وجود تعددية سياسية، والافتقار إلى قدر من حرية التعبير، وعدم وجود تداول حقيقي للسلطة، يؤدي إلى حرمان القوى السياسية والاجتماعية من التعبير السياسي الشرعي، وإلى تجاهل مطالب الأقليات وقمع الجماعات المعارضة، ويؤدي هذا كله إلى تهيئة التربة المناسبة للعنف والإرهاب. ومن أسباب لجوء بعض الجماعات الإسلامية إلى العنف في بعض الدول العربية، محاصرة التيار الديني وقمعه وعدم إعطائه حرية العمل السياسي المشروع والعلني والسماح له بالوصول إلى السلطة بطريقة سلمية.

    4. تضييق دائرة الشورى والديمقراطية أو انعدامها:

    لم تأخذ غالبية نظم الحكم في البلاد العربية بمبدأ الشورى والديمقراطية على الرغم من مضي عدة عقود من السنين على إقامة نموذج الدولة الحديثة فيها. وتعتبر التجربة الديمقراطية في غالبية الدول العربية تجربة جديدة وهشة، وربما تكون شكلية، ولعل أهم وأبرز الأطر الديمقراطية، فتح قنوات قانونية للحوار والتعبير عن الرأي والفكر. ومما لا شك فيه أن فقدان الحياة الديمقراطية الحقيقية يؤدي إلى تهميش بعض الفئات اجتماعياً وسياسياً واستبعاد الأقليات والفئات المعارضة وحركات الرفض، ويخلق جواً من الشعور بالظلم، ويدفع هؤلاء المظلومين إلى الانخراط في العمل السياسي العنيف.

    إن العجز عن الحوار مع جيل الشباب وعدم إفساح المجال له كي يعبر عن نفسه ويخدم بلاده، يجعل الكثير من الشباب ضحية هذا العنف المؤسسي، فتنمو في أوساطهم ظاهرة التطرف الديني. ومن الملاحظ أن هذا العنف المؤسسي يشتد مع تعثر هذه النظم في تحقيق أهدافها المعلنة في التنمية الاقتصادية والتعددية السياسية، كما يقوى مع وقوعها في أسر التبعية والديون بفعل سياسات دول الهيمنة العالمية.



    5. أزمة التعليم ومؤسساته:

    تعتمد نظم التعليم في معظم الأقطار العربية على التلقين والتكرار والحفظ، وعلى حشو ذهن الطالب طوال مختلف المراحل الدراسية بمعلومات، دون إعمال للعقل ودون تحليل أو نقد. ومثل هذه النظم تفرز طالباً يتقبل بسهولة كل ما تمليه عليه سلطة المعلم، دون نقاش، وبذلك يصبح من السهل جداً على مثل هذا الطالب أن يتقبل كل ما تمليه عليه سلطة أمير الجماعة دون تحليل أو نقد أو معارضة، ويكون عرضة للانخراط في أية جماعة أياً كان توجهها، حيث يتم تلقين الفكر وتقبله دون تحليل، ويسهل الانقياد بفعل إبطال عمل العقل.

    ويعتبر التعليم صمام أمان للضبط الاجتماعي ومحاربة الجنوح الفكري والأخلاقي لدى الفرد، وقد يكون فشل شخص ما في مسيرته التعليمية سبباً في دخوله في دائرة العنف والتطرف لشعوره بالفشل والإحباط. فالفشل في الحياة يُكوِّن لدى الإنسان شعوراً بالنقص وعدم تقبُّل المجتمع له، وقد يدفعه هذا الشعور إلى البحث في مواقع أخرى لإثبات ذاته وتحقيق طموحاته، حتى لو تحقق ذلك عن طريق ارتكاب أعمال إرهابية. لذا، فإننا نلاحظ أن عدداً كبيراً من الملتحقين بالجماعات الإرهابية من الفاشلين في التعليم، أو من أصحاب المهن المتدنية في المجتمع، وغيرهم ممن يسيطر عليهم الشعور بالدونية، ويسعون لإثبات ذاتهم، أو أشخاص لهم طموح شخصي .

    6. الفراغ الفكري والفهم الخاطئ للدين:

    إن الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه ، والإحباط الذي يلقاه الشباب نتيجة افتقارهم إلى المثل العليا التي يؤمنون بها في سلوك المجتمع أو سياسة الحكم، والفراغ الديني يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة لشغل هذا الفراغ بالأفكار التي يروجون لها ويعتنقونها. كما أن غياب الحوار المفتوح من قبل رجال الدين لكل الأفكار المتطرفة، ومناقشة الجوانب التي تؤدي إلى التطرف في الرأي يرسخ الفكر المتطرف لدى الشباب. ومن جهة أخرى، نرى أن الكثير من دعاة العنف والتطرف والتزمت يفتقدون لمنهجية الحوار، ويرفضون الدخول في محاورة الآخرين حول معتقداتهم وأفكارهم مما يدفعهم إلى العمل السري.
    7. الإرهاب والإرهاب المضاد:

    من الصعب حصر التطرف والإرهاب في الأفراد والجماعات وغض الطرف عن الإرهاب الذي تمارسه أحياناً بعض الحكومات، باعتبار أن التطرف والعنف هو في الغالب رد فعل لممارسات بعض الحكومات وسياساتها ومواقفها من الجماعات المعارضة لها. إن سياسات القمع التي تمارسها بعض الحكومات تؤدي إلى ردود أفعال تتمثل في تمرد وأعمال عنف من جانب الشباب ، وأحياناً يكون هذا القمع الحكومي سبباً لإثارة التطرف والعنف وليس علاجاً لها.

    إن ثقافة الإقصاء والنبذ واحتكار الحقيقة ورفض الآخر ونفي حقوقه الخاصة والعامة، تشكل البيئة الثقافية الحاضنة لهذه الظروف والأسباب. بمعنى أن الكثير من المجتمعات تتعرض لأوضاع وظروف سياسية واقتصادية صعبة، لذلك فإن البيئة الثقافية التي لا تحترم حقوق الإنسان، ولا تقبل بالاختلاف بكل مستوياته، ولا تقبل التنوع والاختلاف مع الآخر ، هي التي تدفع الأمور والأوضاع إلى بروز ظاهرة العنف والإرهاب.

    8. الموقف من المجاهدين:

    مارست بعض حكومات الدول الإسلامية ولا تزال تمارس أساليب ضغط وتعذيب في حق بعض الشباب الذين توجهوا إلى ميادين الجهاد ضد أعداء الدين، وذلك عندما اعتبرت سفرهم لهذا الغرض تهمة وانحرافاً، ولقبتهم بلقب: "الأفغان العرب"، وبسبب هذا اللقب نُبِذوا وحُرِم بعضهم من دخول دولهم. كما اتخذ بعض الدعاة موقفاً سلبياً من أعمال الجهاد، واستنكر بعضهم سفر هؤلاء الشباب للجهاد، ولم يستطيعوا استيعابهم، ولم يسعَوا لإقامة جسور حوار بينهم وبين هؤلاء الشباب.

    وقد قامت بعض الدول التي لجأ إليها هؤلاء الشباب بتسليمهم إلى حكوماتهم، بل سلَّمت بعضهم إلى دول غربية غير إسلامية. لقد تم التضييق على هذه الفئة من الشباب ومحاربتها تحت شعار "محاربة الإرهاب" تنفيذاً لمخططات وضغوط خارجية، مما جعلهم يخططون للخلاص مما وُضِعوا فيه وذلك بأعمال عنف وإرهاب مضاد.

    9. التشدد والغلو في الدين:

    قد يفضي الفهم الخاطئ للدين ولغاياته ومقاصده إلى الجنوح للغلو والتشدد في الدين. كما أن هناك عدة عوامل تؤدي إلى إحداث ردود أفعال عند الشباب، وتدفع بهم إلى التشدد والغلو، منها استفزاز المشاعر الدينية من خلال تسفيه القيم أو الأخلاق أو المعتقدات أو الشعائر، بالقول أو الفعل، واتهام المراكز التربوية الإسلامية والمدارس القرآنية ومناهج التعليم ومنابر الدعوة كلها بالانحراف، والتنفير من الدين وتشويه أهله، وإظهار شيوخ المسلمين وعلماء الإسلام بصورة ساخرة منفرة، فإن هذا كله يُسبب التطرف والغليان خاصة في نفوس الشباب الذين يقرؤون ويسمعون الاتهامات الكاذبة تُوجه إليهم وإلى مؤسساتهم، ولا يملكون إلاّ الاحتقان والانفعال، ولا تتاح لهم فرصة للرد.

    ويتبع الإعلام الغربي، سياسة تبعد عن العدل والإنصاف، عندما يتهم مناهجنا وثقافتنا الإسلامية ويعيبها بأنها ترسخ في أبنائنا كراهية الآخر ومناصبته العداء، في الوقت الذي لا يسلط فيه الضوء على نظرة الغرب إلى المسلمين، الذين هم في الثقافة والمناهج الدراسية الغربية، وخاصة الأمريكية، سفاحون وإرهابيون ومحاربون متطرفون ومضطهدون للمرأة ويعتنقون الجهاد والحرب المقدسة. وهذا الحكم غير المنصف يدفع الشاب المسلم إلى التشدد والغلو واتخاذ موقف المدافع عن دينه وعقيدته.

    10. التأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام:

    تظهر صلة الإعلام بقضايا الغلو والعنف والإرهاب من خلال ما يصدر عن بعض وسائل الإعلام في البلاد الإسلامية من مقالات صحفية، أو ندوات ثقافية، أو مسلسلات ومسرحيات تهزأ بالدين وأهله، وتسخر من القيم الإسلامية، ومن بعض الأحكام الشرعية، والمبادئ الإسلامية الثابتة. ومثل هذا النهج الذي تسلكه بعض وسائل الإعلام يستثير مشاعر الناس، ويؤجج بواعث الغضب في نفوسهم، دفاعاً عن دينهم، وانتصاراً لقيمهم الإسلامية. وتتفاوت ردود أفعال الناس، وتختلف الطرق والأساليب التي يعبرون بها عن غضبهم، وربما غلا بعضهم في الرد والمدافعة، وزاد عن الحدِّ المشروع، فسلك مسالك الشدة والعنف، وانخرط في دائرة الإرهاب . كما دأبت بعض وسائل الإعلام، وبعض القنوات الفضائية، على تقديم بعض البرامج والمسلسلات والأفلام التي تزين للشباب، وهم في سن المراهقة، القيام بأعمال تتنافى مع القيم الأخلاقية، وتدفع بهم إلى تقليد نماذج غير سوية تقدمها لهم بعض وسائل الإعلام، في ظل غياب التربية الأسرية، والمدرسية .

    11. سياسات الهيمنة الأجنبية والإرهاب الأمريكي الإسرائيلي:


    من الأسباب الرئيسة في تغذية التطرف الديني والإرهاب في البلاد العربية هو الممارسات الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية في فلسطين المحتلة وما جاورها. وهي تؤثر بشكل مباشر على عدة ملايين من العرب الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والجولان السورية والاحتلال الأمريكي في العراق، ومن ثم على بقية العرب في مختلف البلاد العربية.

    إن مشاعر الإحباط واليأس عند الكثير من المسلمين وخاصة الشباب المليء بالفوران والغليان ، والذي لا يرضى بالذل والهوان ، وهو يرى كل يوم الإرهاب الأمريكي وتسلطه على العالم الإسلامي دون احترام لأنظمة عالمية ، ولا قرارات دولية، ويرى كل يوم الإرهاب الصهيوني وإذلاله وقتله للشعب الفلسطيني ، دون أن يكون هناك ردود أفعال جادة من الحكومات العربية، كل هذه الأسباب وغيرها هي واقع يعيشه المسلم، في الوقت الذي لا يدري فيه ماذا يفعل، فهو بين عجز وقهر، وهكذا يتحول الغليان عنده إلى غلو وتطرف، مما يجعله يبحث عن حلول عاجلة وسريعة لتغيير واقع الأمة.

    إن سياسات الهيمنة الأجنبية في المنطقة العربية، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، و التي ترسخ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وتسكت عن ممارساته المتحدية للشرعية الدولية، بل وتدعمه مادياً وعسكرياً، وتحول دون قيام الأمم المتحدة بدورها في مواجهة العدوان، وتعتمد معيارين في مواقفها؛ تثير الغضب والنقمة وتدفع الشباب العربي والإسلامي إلى اللجوء للفكر المتطرف ومن ثم ممارسة العنف في مواجهتها.

    إن التمادي في سياسات الاستبداد والطغيان، وغياب التوازن والعدل، هو الذي دفع البوذي المسالم لإحراق نفسه في فيتنام، وهو الذي يدفع الفلسطيني لتفجير نفسه. وإذا كنا لا نبرر قتل المدنيين، إلا أننا ندرك أن غياب العدالة، والاعتداء علي سيادة الناس واستقلالهم، وتدمير منازلهم وتجريف مزارعهم، والعدوان علي مساجدهم وكنائسهم، هو الدافع الرئيس لهذا النوع من العمل اليائس.

    المنهج الإسلامي لمواجهة التطرف والإرهاب:

    اتبع الإسلام منهجاً محكماً لمكافحة التطرف والإرهاب، ووضع أحكاماً واضحة وحاسمة للوقاية من وقوع المجتمع في دائرة العنف والاضطراب، فقرر حقوقاً للإنسان ووضع ضمانات تكفل حماية هذه الحقوق، وتضمن تحقيق جميع متطلبات الإنسان الروحية والجسمية والعقلية والوجدانية، وبذلك يكون الإسلام حريصاً على سدِّ جميع الذرائع والأسباب المباشرة وغير المباشرة التي قد يتذرع بها أي شخص للقيام بأي عمل إرهابي من أجل الوصول إلى حقٍّ أو دفع مظلمة. وقد وضع الشرع الإسلامي عقوبات صارمة تردع كل نفس ضعيفة يصدر منها اعتداء على الغير، سواء كان اعتداء على الأنفس أو الدين أو العقل أو المال أو الأخلاق أو القيم العامة في المجتمع أو الخروج عن طاعة أولي الأمر. وهناك نوعان من الجرائم الإرهابية التي تقع على مجموع المجتمع، والتي وضع لها الإسلام عقوبات تتمثل في الحدود الشرعية، أحدهما يشمل الجرائم الإرهابية التي تقع على مجموع المجتمع، وتُعرَف بجرائم الحِرابة؛ وثانيهما يشمل الجرائم الإرهابية التي تُعرَف بجرائم البغي.

    والحِرابة هي قطع الطريق، وتتمثل في خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام، لإحداث الفوضى، وسفك الدماء، وسلب الأموال، وهتك الأعراض، وإهلاك الحرث والنسل، متحدية بذلك الدين والأخلاق والنظام. وكما تتحقق الحرابة بخروج جماعة من الجماعات، فإنها تتحقق أيضاً بخروج فرد من الأفراد. ويدخل في مفهوم الحِرابة العصابات المختلفة، كعصابة اللصوص للسطو على البيوت والبنوك، وعصابة اغتيال الحكام ابتغاء الفتنة واضطراب الأمن، وعصابة إتلاف الزرع.

    ولما كانت جريمة قطع الطريق انتهاكاً لأمن الناس، وإخلالاً بنظام حياتهم لأنها قد تكون اعتداءً على النفس، كما قد تكون اعتداءً على المال والعِرْض، وربما كانت اعتداءً على الجميع في وقت واحد، فهي جريمة شنعاء على المجتمع، تخلّ بنظامه، وتروع أمنه، وتد

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 2:52 am